معرض باريس الدولي للسيارات: أناقة وتجدد



تبقى باريس عاصمة المعارض والمؤتمرات بامتياز. فما إن اختتم أسبوع الموضة الباريسي عروضه، حتى تألقت العاصمة الفرنسية مجدداً مع موعدٍ يعتبر أكثر إثارة عندما يتعلق الأمر بموضة السيارات. فقد احتضنت في الفترة ما بين ٤ – ١٩ تشرين الثاني الأول/ أكتوبر أقدم معرض للسيارات في العالم، ذلك المعرض الذي ابتكره رجل الصناعة الفرنسي ألبير دي ديون عام ١٨٩٨.

أتى معرض باريس الدولي للسيارات لهذا العام وسط مجموعة من التحديات تواجه صناعة السيارات، حيث مازال الخمول يخيم على مختلف النشاطات الإنتاجية والتسويقية للسوق الأوروبية. وكشف المعرض عن مخاوف من مستقبل يضطر فيه هذا القطاع لتحمل تكاليف باهظة في التأقلم مع القوانين الأوروبية والعالمية لتخفيض الانبعاث الكربوني، وعن صراع محتدم بين شركات صناعة السيارات خاصة فئة السيارات الشعبية لتعويض الأرباح المفقودة. خاصة مع الإقبال الكبير على السيارات المستعملة من قبل المستهلكين، الأمر الذي قد يؤدي إلى ركود كامل!


إلا أن جاذبية عروض فئة السيارات الفاخرة تمكنت من خطف الأضواء وإبهار الزوار للحظات جعلتهم ينسون المشاكل، ويصبوا اهتمامهم بشكل خاص على عروض سيارات كروس أوفر أو متداخلة الأوجه، التي أشعلت المنافسة بين كبار الشركات العارضة مثل تويوتا، سيتروين، بيجو، هوندا، فيات، سانغ يونغ وجيب؛ فاندفعت تستعرض عدد من الطرازات المدمجة، وعدد آخر من النماذج الاختبارية التي تطغى عليها نكهة العربات رباعية الدفع.

ولم يخل المشهد من كشف بعض الشركات مثل كيا و ميتسوبيشي عن خططها بصدد كروس أوفر التي لم تر النور بعد، أو من حماس الحريصين على البيئة وهم يستعرضون سيارات كهربائية وهجينة تم التركيز في صناعتها على التقنيات الخضراء صديقة البيئة، كان من أكثرها جاذبية سيارة لامبورغيني أستيريون الهجينة وفولكسفاكن إكس إل سبورت.


في حين تركت الشركات الفرنسية الرئيسية بيجو، سيتروين ورينو بصماتها واضحة على المعرض. فبعد ضائقتها المالية الناتجة عن انخفاض المبيعات خلال السنوات الأخيرة تحت وطأة المنافسة الآسيوية وارتفاع تكلفة الطاقة وتقلبات أسعار اليورو، يسود الانطباع دخولها مرحلة تتسم بإعادة هيكلة ناجحة عرفت كيف تذليل العقبات المعلنة، مثل تحجيم الإنتاج ومراعاة المعايير الصارمة للحكومة الفرنسية في مجال خفض استهلاك الوقود.

الأهم من ذلك النجاح في الخروج بمنتوجات نهائية تأسر مشاعر الجمهور، وقد نجحت بذلك إلى حد كبير، فبدا جلياً فخار بيجو بسيارتها الهاتشباك التي حظيت بلقب "سيارة العام"، وكشفها عن نموذج تصوري جديد هجين بين مجركين بنزيني وكهربائي اسمته كوارتز. كما نجحت رينو في الخروج بمنتج يقلل من استهلاك الوقود وانبعاث ثاني أوكسيد الكربون من خلال التأثير على وزن وأيروديناميكية العربة. وقد يفسر هذا النجاح توجه الفرنسيين للسيارات الفرنسية، إن لم يكن وعيهم لضرورة دعم شركاتهم، بعد اضطرارها للجوء إلى دعم الحكومة وإحدى الشركات الصينية واتخاذها إجراءات قاسية منها تسريح العمال.