لماذا صمدت الدرّاجة الهوائية في خدمة الإنسان ما يزيد عن قرن ونصف دون أن يتجاوزها التطور؟ الجواب يكمن في آليتها البسيطة، توافقها مع ديناميكية الجسم البشري، الخدمات التي تقدمها، خفّتها وتأقلمها مع البيئة والأمكنة، يمكن أن تجتاز دروب صعبة والولوج من أماكن ضيقة وحملها لتجاوز عائق ما، كونها إقتصادية وصحية تحوّل الطاقة العضلية إلى حركة. فالدراجة تعتمد على أعظم اختراع عرفته البشرية وهو الدولاب، يقدّم الإنسان مجهوداً عضلياً وهو جالس، سانداً نصفه العُلوي إلى المقوَد، فتحولها العجلات إلى حركة خطية، ولولا الاحتكاك ومقاومة الهواء وتأثير الجاذبية لإستمرت الحركة إلى ما لا نهاية، يستعين الراكب بجسمه لإعطاء الدفع المطلوب عند الإنطلاق والصعود أوحفظ التوازن وعدم السقوط، الذي يصبح أسهل بازدياد السرعة، ليحصل بالمقابل على مردود جيد من حيث السرعة والمسافة، مع إمكانية نقل بعض الحمولة
في إيطاليا تم مؤخراً الإعلان عن دراجة هوائية إبتكرها مهندس شاب بإسم Sada Bike ، تسير بإطارات بدون أسلاك، وتعتمد على نقل حركة الدواسات بواسطة سلسلة إلى بكرة تنقل بدورها الحركة إلى الإطار الخلفي، مثبتة على الهيكل مع أخرتين مهمتهما مشاركتها في الإمساك المتين بالإطار من ثلاثة نقاط داخلية والدوران التلامسي معه، نفس الشيء بالنسبة للإطار الأمامي فهو محصور بثلاث بكرات تقبض عليه جيداً، اثنتان طرفيتان من الخارج وواحدة متوسطة من الداخل، مثبّتة على امتداد حامل متصل مع الهيكل بمحور لامتصاص الحركة الارتجاجية للإطار، يمكن فصل إطاري الدراجة (العجلات) وطيّ هيكلها ليشغل حجماً متراصّاً يفوق قليلاً حجم مظلة تقليدية وإمكانية وضعه مع الإطارات داخل حقيبة "زاينيت" أو "تروللي" على عجلتين، تفيد عند استخدام القطارات والسيارات في التنقل وحتى ركنها في الغرفة أو المنزل. الدراجة الجديدة تعبتبر غالية الثمن في الوقت الحالي، فسعرها يدور حول ٢٠٠٠ دولار أمريكي تقريباً! الدراجات الهوائية لها نماذج مختلفة وغالباً لا تتوافر جميعها في الأسواق ولكن من خلال مواقع الإعلانات المبوبة كما في الجزائر أصبح من الممكن العثور على تلك المستعملة بأسعار إقتصادية ونماذج إبتكارية
بالعودة قليلاً إلى الوراء سنرى بإن فكرة الدرّاجة إلى العبقري الإيطالي ليوناردو دافنشي، ليأتي الكونت الفرنسي دي سيفراك عام ١٧٩١، بعد ثلاثة قرون، بإختراع أول دراجة بدون دعسات ولا مقود، تعتمد في حركتها على الدفع بواسطة الأرجل بعد تثبيتها على الأرض، أخضعت الدراجة بعدها لسلسلة من التحسينات، أهمها اعتماد المقود والدواسة وإضافة مجموعة نقل الحركة. يفوق عدد الدراجات في العالم عدد السيارات بمقدار الضعف، فهي تنتشر حتى في أماكن نائية، خاصة في منطقة الشرق الأقصى حيث يشكّل اعتماد وسائل النقل الطبيعية وبالتالي البيئية جزءاً من الوعي الشعبي. وحتى في الغرب المتطور مازالت الدراجات الهوائية معتمدة كأداة لممارسة الرياضة والتنزه في الأرياف وألعاب الأطفال، حتى إنه في السنوات الأخيرة أصبح الطلب عليها أكثر من السيارات من قبل الشباب الذين يستعملونها في التنقل داخل المدينة أيضاً. ومع تطور علوم هندسة المواد يتم بإستمرار تقديم نماذج تعتمد على مواد أخف وأكثر مقاومة